محمدالعابد Admin
عدد المساهمات : 625 تاريخ التسجيل : 18/01/2013 العمر : 70 برجي هو :
| موضوع: الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه الثلاثاء يناير 29, 2013 11:04 am | |
|
أبو عبيدة بن الجرّاح - أمين هذه الأمة
من هذا الذي أمسك الرسول – صلى الله عليه وسلم - بيمينه وقال عنه:
" إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح"..؟
من هذا الذي أرسله النبي – صلى الله عليه وسلم - في غزوة ذات السلاسل مددا لعمرو بن العاص، وجعله أميرا على جيش فيه أبو بكر وعمر..؟؟
من هذا الصحابي الذي كان أول من لقب بأمير الأمراء..؟؟
من هذا الرجل الطويل القامة النحيف الجسم، المعروق الوجه، الخفيف اللحية، الأثرم، ساقط الثنيتين ..؟؟ ( مقدمة الأسنان )
أجل من هذا القوي الأمين الذي قال عنه عمر بن الخطاب - رضي اله عنه - وهو يجود بأنفاسه الأخيرة :
" لو كان أبو عبيدة بن الجرّاح حيا لاستخلفته من بعدي ,فإن سألني ربي عنه قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله"..؟؟
إنه سيدنا أبو عبيدة عامر بن عبد الله الجرّاح.. – رضي الله عنه – ( أمين هذه الأمة ) .......................... أسلم على يد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في الأيام الأولى للإسلام، قبل أن يدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم بن أبي الأرقم ، وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية، ثم عاد منها ليقف إلى جوار رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في بدر، وأحد، وبقيّة المشاهد جميعها، ثم ليواصل سيره القوي الأمين بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صحبة خليفته أبي بكر، ثم في صحبة أمير المؤمنين عمر، نابذا الدنيا وراء ظهره مستقبلا تبعات دينه في زهد، وتقوى، وصمود وأمانة.
**
عندما بايع أبو عبيدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -على أن ينفق حياته في سبيل الله، كان مدركا تمام الإدراك ما تعنيه هذه الكلمات الثلاث، في سبيل الله , وكان على أتم استعداد لأن يعطي هذا السبيل كل ما يتطلبه من بذل وتضحية..
ومنذ بسط يمينه مبايعا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وهو لا يرى في نفسه، وفي أيامه وفي حياته كلها سوى أمانة استودعها الله إياها لينفقها في سبيله وفي مرضاته، فلا يجري وراء حظ من حظوظ نفسه.. ولا تصرفه عن سبيل الله رغبة ولا رهبة..
ولما وفّى أبو عبيدة بالعهد الذي وفى به بقية الأصحاب، رأى الرسول – صلى الله عليه وسلم - في مسلك ضميره، ومسلك حياته ما جعله أهلا لهذا اللقب الكريم الذي أفاءه عليه،وأهداه إليه، فقال -عليه الصلاة والسلام - :
" أمين هذه الأمة، أبو عبيدة بن الجرّاح".
**
إن أمانة أبي عبيدة على مسؤولياته، لهي أبرز خصاله.. ففي غزوة أحد أحسّ من سير المعركة حرص المشركين، لا على إحراز النصر في الحرب، بل قبل ذلك ودون ذلك، على اغتيال حياة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، فاتفق مع نفسه على أن يظل مكانه في المعركة قريبا من مكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – لا يبعد عينيه عنه أبدا ..
ومضى يضرب بسيفه الأمين مثله، في جيش الوثنية الذي جاء باغيا وعاديا يريد أن يطفئ نور الله في أرضه ..
وكلما استدرجته ضرورات القتال وظروف المعركة بعيدا عن رسول الله - صلى اله عليه وسلم - قاتل وعيناه لا تسيران في اتجاه ضرباته.. بل هما متجهتان دوما إلى حيث يقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويقاتل، وعيناه ترقبانه في حرص وقلق..
وكلما تراءى لأبي عبيدة خطر يقترب من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، انخلع من موقفه البعيد وقطع الأرض وثبا حيث يدحض أعداء الله ويردّهم على أعقابهم قبل أن ينالوا من الرسول منالا..!!
وفي إحدى جولاته تلك، وقد بلغ القتال ذروة ضراوته أحاط بأبي عبيدة طائفة من المشركين، وكانت عيناه كعادتهما تحدّقان كعيني الصقر في موقع رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وكاد أبو عبيدة يفقد صوابه إذ رأى سهما ينطلق من يد مشرك فيصيب النبي، وعمل سيفه في الذين يحيطون به وكأنه مائة سيف، حتى فرّقهم عنه، وطار صوابه حيث نظر إلى رسول الله - فرأى الدم الزكي يسيل على وجهه، ورأى الرسول الأمين يمسح الدم بيمينه وهو يقول:
" كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيّهم، وهو يدعوهم إلى ربهم"..؟
ورأى حلقتين من حلق المغفر الذي يضعه الرسول فوق رأسه قد دخلتا في وجنتي النبي، فلم يطق صبرا.. واقترب يقبض بثناياه على حلقة منهما حتى نزعها من وجنة الرسول، فسقطت منه ثنيّة، ثم نزع الحلقة الأخرى، فسقطت ثنيّته الثانية..
وما أجمل أن نترك الحديث لأبي بكر الصديق يصف لنا هذا المشهد بكلماته:
" لما كان يوم أحد، ورمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر، أقبلت أسعى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى إذا توافينا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا هو أبو عبيدة بن الجرّاح قد سبقني، فقال: أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعهما من وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -..
فتركته، فأخذ أبو عبيدة بثنيّته إحدى حلقتي المغفر، فنزعها، وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه..
ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته أخرى فسقطت.. فكان أبو عبيدة في الناس أثرم."!!
وأيام اتسعت مسؤوليات الصحابة وعظمت، كان أبو عبيدة في مستواها دوما بصدقه وبأمانته..
فإذا أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الخبط أميرا على ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا من المقاتلين وليس معهم زاد سوى جراب تمر.. والمهمة صعبة، والسفر بعيد، استقبل أبو عبيدة واجبه في تفان وغبطة، وراح هو وجنوده يقطعون الأرض، وزاد كل واحد منهم طوال اليوم حفنة تمر، حتى إذا أوشك التمر أن ينتهي، يهبط نصيب كل واحد إلى تمرة في اليوم.. حتى إذا فرغ التمر جميعا راحوا يتصيّدون الخبط، أي ورق الشجر بقسيّهم، فيسحقونه ويشربون عليه الماء.. ومن أجل هذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط..
لقد مضوا لا يبالون بجوع ولا حرمان، ولا يعنيهم إلا أن ينجزوا مع أميرهم القوي الأمين المهمة الجليلة التي اختارهم رسول الله لها..!!
**
لقد أحب الرسول -عليه الصلاة والسلام -أمين الأمة أبا عبيدة كثيرا.. وآثره كثيرا...
ويوم جاء وفد نجران من اليمن مسلمين، وسألوه أن يبعث معهم من يعلمهم القرآن والسنة والإسلام، قال لهم رسول الله:
" لأبعثن معكم رجلا أمينا، حق أمين، حق أمين.. حق أمين"..!!
وسمع الصحابة هذا الثناء من رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فتمنى كل منهم لو يكون هو الذي يقع اختيار الرسول عليه، فتصير هذه الشهادة الصادقة من حظه ونصيبه..
| |
|