إدريس عليه السلام
نبذة:
كان صديقا نبيا ومن الصابرين، أول نبي بعثفي الأرض بعد آدم، وهو أبو جد نوح، أنزلت عليه
ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية اللهوآمن به ألف إنسان، وهو أول من خط بالقلم وأول من
خاط الثياب ولبسها، وأول من نظرفي علم النجوم وسيرها
سيرته:
إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرامالذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز،
وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن،وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد
نبوته ورسالته على سبيل القطعوالجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه
فوصفه بالنبوةوالصديقية.
نسبه:
هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيثبن آدم عليه السلام واسمه
عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهومن أجداد نوح عليه السلام. وهو أول بني آدم أعطي
النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهماالسلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم،
وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام
308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة.
حياته:
وقد أختلفالعلماء في مولده ونشأته،
فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون
إنه ولد بمصروالصحيح
الأول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم،
ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم
عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة
عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا
رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره،
فخرجوخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف
على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم
الأخلاق. وكانت له مواعظ وآداب فقددعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا،
وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة،بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه
الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهمبالصل
اة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة
من الجنابة، وحرم المسكر من كل شيمن المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان
في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بهاوقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة
منهم بلسانهم. وهو أول من علمالسياسة المدنية،
ورسم لقومه قواعد تمدين المدن،
فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر
بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنياحسرة، وشرها ندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه
وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة) وقوله
(الصبر
مع الإيمان يورث الظفر).
وفاته:
وقد أُخْتُلِفَ في موته..
فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال
بن يساف قال: سأل ابن عباس
كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
؟ فقال
كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل
جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب
أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له منالملائكة،
فقال "له": إن الله أوحى إلي
كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً،
فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان
في السماء الرابعة تلقاه ملكالموت منحدراً،
فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين
إدريس؟ قال هوذا على ظهري،
فقال ملك الموت:
يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماءالرابعة،
فجعلت أقول: كيف
أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟!
فقبض روحههناك. فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ
مَكَاناً عَلِيّاً}. ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها.
وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك
الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهومعه:
كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر،
فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقيمن عمره إلا طرفة عين،
فنظر الملك إلى تحت جناحه
إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لايشعر.
وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة.
وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد فيقوله:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال:
إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى.
إنأراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد
أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبضهناك.
فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار. والله
أعلم.
وقال العوفي عن ابنعباس في قوله:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
: رفع إلى السماء السادسة فماتبها، وهكذا قال الضحاك.
والحديث المتفق عليه من
أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قولمجاهد وغير واحد.
وقال الحسن البصري:
{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إلىالجنة، وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن
مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أنإدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.
قال البخاري: ويذكر عن ابنمسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس،
واستأنسوا في
ذلك بما جاء في حديث الزهري عنأنس في الإسراء:
أنه لما مرّ به عليه السلام قال
له مرحباً بالأخ الصالح والنبيالصالح،
ولم يقل كما قال آدم و إبراهيم: مرحباً بالنبي
الصالح والابن الصالح،قالوا:
فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له.
وهذا لا يدل ولابد، قد لايكون الراوي حفظه جيداً،
أو لعله قاله على سبيل
الهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر، وإبراهيم
الذي هو خليل الرحمن،
وأكبر أوليالعزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين